الجمعة، 11 يوليو 2008

تساؤلات إلى شاري الأيام

الصيف لملم أوراقه ورحل في هدوء
هل لفحتني شمسه الحارقة هذا الموسم؟
لست أكيداً
ومتى كنت من أي شيء أكيداً؟
وهل يهمني إن كانت لفحتني حقاً؟
لا أبالي مادمت منتظراً في المقهي بلا حراك
لم نسمع في المدن عن لفحة شمس سببت الهلاك

ها هو الخريف اقترب
وازدهار الغصون سيغترب
أو لعله بدأ الاغتراب بالفعل
الأوراق تتساقط وأيام العمر تهرول مسرعة باتجاه الهوة المحتومة
العمر يبدو أحياناً لحظة واحدة مقسومة شطرين
الأول للانتظار والملل، والثاني للدموع تترقرق من العينين
أدموع فرح أم دموع حزن؟
دموع استقبال أم دموع وداع؟
الشطر بدوره مقسوم شطرين
وأنا الآن في شطر الانتظار ونصف شطر دموع الحزن
يا له من توصيف معقد

الرياح الشمالية هي الأعتى دائماً، هكذا يقولون
وأنا أسكن في الشمال، والشمال يسكنني
أطل على البحر من نافذة مقهاي المفضل على الدوام
وكثيراً ما أخرج لأفترش الرصيف بمقعد وثير ومنضدة وحيدة
الرياح الباردة تلطم الوجه، ورمال البحر تؤلم الجبهة
والمارة يتساءلون عن سر شجاعتي، أو بلاهتي، في همس
لا أحد يجرؤ على افتراش الرصيف في شتاء الإسكندرية
ولا أحد يجرؤ على مواجهة رذاذ موج البحر بصدر شبه عار

كيف أتى الشتاء والخريف لما ينته بعد؟
هل تنازل فصل لفصل عن حصته من أيام حياة البشر؟
وهل بوسع الأخيرين أن يتنازلوا لبعضهم بعضاً عن أيام حياتهم؟
عن مقدراتهم؟ تجاربهم؟ أفراحهم؟ وتعاساتهم؟
ألا يبيع البعض أبناءه هذه الأيام؟
فماذا عن الأيام نفسها؟
أبوسعنا حقاً أن نبيع أنصاف أعمارنا لنرى من نحب ولو للحظة؟
ومن الشاري في تلك الحال؟ وماذا عساه فاعل برصيده الضخم من الأيام؟
لا شك أنه سيحقق كل أمنياته، التي هي أمنيات الآخرين أصلاً
لكن.. ألن يصيبه الملل في النهاية؟

السفينة لاحت لي أخيراً
الأرض كروية حقاً، فقد رأيت صاريها أولاً
ثم لاح هيكلها كاملاً
هل جاء فيها من أنتظر؟
هل حجز شاغلي تذكرته هذه المرة؟

!!!!!!!
لا أحد يسافر على متون السفن هذه الأيام
لا أحد، سوى البضائع والحجيج والفقراء
يبدو فعلاً أنني صرت أعيش عالماً غير الذي يعيشه الناس
كيف فاتني أن السفن، كالخطابات، انقرضت أو هي على وشك ذلك؟

ربما يأتي مواعدي في الخريف القادم
هكذا سأمني نفسي.. علي أن أفعل ذلك
الأمنيات هي بنات عقولنا التي نربيها وندللها لتخفف عنا وطأة الفشل، صحيح؟
ولكن لماذا على من قد يأتي ألا يأتي إلا في الخريف؟
ألنبدأ عاماً جديداً بعد انقضاء الخريف، أم لننهي ما لم يبدأ من الأساس؟

المارة من حولي يتكاثرون واندهاشهم يتضاعف
لابد أن أدخل إلى المقهي من جديد
على الأقل لأتقي البرد القارس، ثم أعينهم المتطفلة

واحد ينسون لو سمحت
آه، ولن أنسى أن أنتظر في مقهى المطار في المرة التالية

ليست هناك تعليقات: